أيتها الآنية البشريّة

في أنطلوجيتك أنت تظهرين

في عالم الأشياء والموجودات

بوجهين مزدوجين

وجه باطنيّ غارق في جوف

الأعماق

بلباس مغلّف بالإسمنت والحديد

ووجه خارجي

يسكن خارج ماهيتك

مكشوف في لباس شفّاف

في عالم الأشياء والموجودات...

********************

أيتها الآنيّة وجهك الباطنيّ

ينفلت من الظهور والكشف

مبداه الاختفاء والضمور

تسعى المعاول الخارجيّة

للحفر في أعماقه

فيصدّها باطن الآنيّة

معلن انغلاقه في طلاسمه

وألغازه الزئبقيّة

يموّه كل معرفة

تصل إلى نهاية الطريق

في كل نهاية الطريق

تعبّد طريقاً

بالألغاز والأسرار

والطلاسم السوداء...

********************

أيتها الآنية الباطنية

تطمسين كل بصيص نور

وتعتّمين بالسواد منابع النور

وتلجمين كل منطوق

وسيلتك في ثنايا سيرورتك

آليّات عنيدة

آليات المقاومة والمراوغة

والتملّص

تنطقين بما لا تخفيه كينونتك

تأخذين مظهراً آخراً

وتحفرين في الوجود

طريقاً آخراً وآخراً

تتوحدي مع الاستعارات

والمجازات ومنطوق البلاغات

تخفي بها حقيقة الأقوال

والقول حقيقة الأفعال والفعل

في عمق أنطولوجيتك

أيتها الآنية

تكشفين عن لا شعور

يسكنك بدهاليزه الملتوية

ويخرجك عن وعيك

وإدراكك

غريب عنك وعدوّ لك

يغرقك في متاعب لا تحصى...

********************

أيتها الآنية الباطنية الاستيهاميّة

تكذبين على نفسك

بوهم تصريف أزمتك

وصراعاتك

في إشباعٍ استيهاميّ

لا يغني ولا يسمن من جوع

تحتويك مكبوتات لا شعورك

مكبوتات رغباتك الليبيديّة

ومكبوتات عدوانيتك الهجومية

في حياة اجترار المدّ والجزر

تفقدين توازنك المنطقي

بين الآيروس وبين التاناتوس

لا يبقى أمامك أيتها الآنية

إلا اجترار سيناريوهات

واجترار احتمالات

وأنصاف حلول...

********************

أيتها الآنية

لا تستقرين على شيء

تتأرجحين في متاهات الوجود

يواجهك ضمير أخلاقي

بالقمع والمنع

ويدمرك واقع خارجي

بالرعب والخوف

من مصير مجهول تئنين

بسيف التأويلات تحاربين

وخلف درع التبريرات تقبعين

ساعية وآملة

أملاً دون كيشوط

لتدمير صراعاتك ومعاناتك

من أجل عدم الاستغراق

في براثن أمراض

تفقدك توازنك وتعقلك ورزانتك

التي بها تعقدين السلم والسلام

مع العالم والوجود والموجودات

فتغرقين في بحر الاكتئاب

وتركبين أمواج الوساوس

والهلوسات والتناقضات

وتعيشين في شخصيات متناقضة

متناحرة كلّ منها يدمّر الآخر

في تبلّد عاطفي دائم وقاتل

لا قيمة لحرمة ولا لقريب

ولا لصديق

ولا قيمة لقيم وأخلاق

تتراءين في شكوى من خصومك

من اعتداءاتهم وهجوماتهم

تحمّلينهم كل آلامك ومعاناتك

معتقدة وغارقة في وهمك

وهم الصحيّة والسلامة والسلميّة...

********************

أيتها الآنية البشرية

وجهك الخارجي

مكشوف في لباس شفاف

يمنطق ويتعقّل بالعقل

الأحداث والأفعال والأفكار

وينفعل بردود الفعل والأفعال

وانفعال الوجد والوجدان

ويتصرّف بردود السلوكيّات

والمثيرات...

أيتها الآنية البشرية

تضعين بوهم جداراً سميكاً

بين وجهيك الباطني والخارجي

الظاهري يضع الباطني

فيما قبل الجدار

والهضاب والجبال

ليستقر به فيما وراء البحار والأمواج

يلاطم الأمواج المزمجرة

منبعثة من بحر مسعور

محرقة ومدمرة للباطن والخارج

وجهك الخارجي أيتها الآنية

يعطيك طعم الوجود

فوق البراكين والمسعور

وجهك يغرقك في عالم

الاستيهامات إلى حدّ النخاع

في استيهامات السعادة والحبور

في لحظات وآنيّات

واستيهامات خوف ورعب

في مستقبل مجهول...

********************

أيتها الآنية بوجهك الخارجي

تتسلحين بآليات الدفاع

وآليات المقاومة

مقاومة طغيان اللاشعور

وجبروته وحماقاته المتكررة

واندفاعاته المتهورة

التي لا حدود لها في الاستيهامات

والأحلام والمتمنّيات

ولا تنتهي ولا تقف أمام واقع

صادم، جارح، ومؤلم...

آليات وجهك الخارجي أيتها الآنية

آليات التنفيس وآليات التقمّص

وآليات التحويل

وآليات التماهي والتوحّد

آليات وآليات وآليّات

تنسج حركتك أيها الآنية

في أنطولوجيا المعيش اليومي

وفي أشكال التعايش مع الوجود

والموجودات والأشياء...

تم عمل هذا الموقع بواسطة