في جوهر الوجود ولدت

وقذفت

عبثاً بنكهة ترانيم كيرككارد

أستنشق

متعثراً في أنطولوجيا غامضة

أتنفس

في وجودية سارتر ألامس

وجودي يسبق ماهيتي

وفي دجى الليل تنمو هويتي

أُشعّ بوميض الأمل

في كينونة إنسانية مقذوفة

في صقيع حالك

في مهد الولادة أصرخ وأصرخ

أئن من الألم وصدمة الحياة

أصرخ

لحظة معانقة الوجود في المعاناة

ينفث الهواء في رئتي نبتة

إكسير الحياة

بالأمل أصارع مفاجآت القدر

الذي يُحكى عنه في الأساطير

وفي اللاهوت والديانات

يُحكى عن وعن

سمفونية السلطة والعبث

والتيهان

والتحكّم خارج الوعي

لكن في سيرورة الوجود المتعالي

وفي اصطدامي مع سراديب

القدر المتوالي

أكتشف كينونة حريتي

وإرادتي

أكتشف قوة إصراري وإرادتي

أكتشف إرادة قوتي

وفعل حريتي المستميتة

--------------------

في ركن منعزل

في سراديب القدر

مزيّن بطلاسم الخضوع

والاستسلام

يُحكى عن قدر الأرواح

في الأسطورة

كل شيء يسير من الأعالي

من كل ركن في الكوسموس

يرسم خرائط الإنسان

في الكيان والوجود

تتقاطع فيها خطوط المجهول

في كلّ تفاصيل أنطولوجيتها

تركع لقوى خارجة

عن وعي الذات

منذ الزمن الغابر

تستنشق كل جميل وقبيح

وتتغنّى بألحان الدهر

بكل نغمة خير وضربة شر

قوى أرواح خفيّة

تخطط وتبرمج

وتنفذ فيما وراء المرئي

بخيوط الأخطبوط مسيّر

ومثير

تشدّ الأنا إلى ظلام مكتئب

يصارع ويقاوم المفروض

ويركع أمام لوحة المرسوم

بخطوط القدر المتشابك

يرى مستقبلاً في أفق مبهم

مطلسم الكيان

في أعالي جبال وأمواج

القدر المحتوم

في ركن من سراديب القدر

يحكى في اللاهوت

عن وجود قدر الإلَه الخالق

خلق كل شيء بمقدار

وكل كينونة تسير وفقاً لإرادة

خالق الكون والوجود

إنه الروح المطلق

الذي تغنّى به هيجل

في الإنجيل

في بحبوحة القوة والجبروت

روح تتجسّد عبر التاريخ

في الحضارات والشعوب

فكل ما هو واقعي هو روحي

وكل ما هو روحي

هو واقعي...

في ركن آخر

من سراديب القدر

قدر إكراهات النفس

التي تملي بشهوات اللاشعور

ونواهي الأنا الأعلى

منظومة الأفعال

والسلوكيات

وردود الأفعال والرغبات

تمارس خارج وعي

يقظٍ متردد

وخارج حرية الإرادة

المصرّة

وفعل الحرية المعاند

في ركن من سراديب القدر

يتشابك قدر الأسطورة

واللاهوت

مع قدر النفس

فيعانقون قدر المجتمع

على درب واحد صوت يصيح

لا مسير للكينونة إلا المجتمع

فروح الجماعة تخطط

وتبرمج وتشير

فتنتج الإكراهات في كل اتجاه

وتخيطها بأنامل القانون

فتصيح الأصوات من كل جانب

في الأسطورة واللاهوت

وفي النفس والمجتمع

تلك هي سراديب القدر المشؤوم

--------------------

في السرداب الثاني

من القدر المحتوم

في ركن منه توجد مقاومة

تفتح أبواب الحريّة والإرادة الفاعلة

تنادي على الكينونة الناضجة

بالدخول والاستقرار

في كل أركانها وسراديبها

إرادة الإنسان لا تقهر

تغنّى بها ماركس وسارتر

إنّ الوعي جبروت لا يكلّ

ولا يفتر

يصنع ويصنع باستمرار

قدر الإنسان عبر الأزمان

--------------------

في السرداب الثالث

من القدر المصعوق

في بحر مسعور

القدر المحتوم يزمجر ويصيح

يتصارع مع إرادة الإنسان

في حرب ضروس

لا أحّد منهما يقبل بالتنازل

والاستسلام

الكل يصطفّ في مواجهة الآخر

جيش الخضوع والاستسلام

والنكبة

في مواجهة جيش الحريّة

والإرادة

فتشتعل بينهما نار زمهريريّة

تعلن وجود برزخ بينهما

لا يلتقيان

في التفكير والاعتقاد لا يتقابلان

وفي الأمل واليأس

وفي السعادة والشقاء

يتناطحان في سرمدية الوجود

الأبدي

كلّ من القدر وحرية الإرادة

لكل منهما سيوف الحجج

ورماح الأدلّة

يطعنون بعضهما البعض

يتقاتلان من أجل إثبات

الوجود وإقصاء الآخر

وكشف حقيقة اليقين

من البداية إلى النهاية

في حركة لولبيّة متشابكة

تعانق سيرورة التاريخ

وعبثيّة الواقع والزمن

 والوجود

---------------

في السرداب الرابع

من سراديب القدر

في ركن منه

أنعزل وأنغلق على نفسي

في تأمل سرمدي

أُحسّ بنور ينبعث من رأسي

إنه نور العقل

وأمواج الحرية والإرادة

تكتسح كلّ خضوع واستسلام

وتصيح بالصدى في الأعالي

الله ربّ الملكوت

سبّوح قدوس ربّ الملائكة والروح

لا يحاسب العباد بظلم

قد حرّمه على نفسه

في القدسي

تعلن النصوص وأهل الكلام

أنّ الله عادل عدلاً مطلقاً

وينتشر صوت المعتزلة في الأرجاء

ولا يوجد هذا العدل المطلق

في الذات الإلهية

إلا بوجود العقل والوعي

والحرية والإرادة

في الذات الإنسانية

يستمر الصوت يصيح ويعلن

لم ولن يكون هذا الظلم العبثي

ليخدش ألوهيّة الخالق

في لحظة هذا الوعي القدسي

أسير بين دروب نفسي

بخطوات متحدّية

أبحث في كينونتي

عن الممكن واللا ممكن

عن المحتمل واللا محتمل

عن الوجود واللاوجود

في سيرورة الوجود تتعثر خطواتي

أسقط وأنهار ومن جديد أقف

على إرادتي وحريتي

فأسير في فضاء الكون

أتخيّل مستقبلاً مبهماً

مطلسم الكيان

لكنني أحلم بأمل واعد

بنور العقل والبصيرة

فتفتح أبواب الحرية والإرادة

في رسم هويّة وجودي

الذي سبق ماهيتي...

تم عمل هذا الموقع بواسطة