" الأنا "هو أنا

أعزف سمفونية لحن الوجود

لحن الفكر، لحن الإبداع

والاختراع

من وإلى اللامتناهي

لحني في كينونتي

عزفني أرسطو وأقام اللحن

في الترابطات بين مقدمات ونتائج

وعزفني الكندي في الثابت والمتحول

وعزفي ابن رشد في الحكمة والشريعة

وعزفني ديكارت في استدلالات العقل

وانغلاقه على نفسه

وفي إدراكه لهويته وجبروته

وعزفني عقل كانط

في الجوهر والماهيّة

في انفصالٍ عن المحسوس

عزفني في لحن المقولات

يدرك بها الموجودات

في الزمان والمكان

في الكمّ والكيفيّة

وعزفني لابنتز في منطق العلاقات

وفي زحف المقدمات إلى نهاية المعضلات

تحكمها التراجعات ومنطق البديهيّات

وسيرها في اتجاه التمايزات...

سمفونية " أنا "

من أنا؟!!

سؤال يؤرّق كينونتي

يخترقها من الأعلى إلى الأسفل

في سيرورة التساؤل

من أنا، من الآخر؟!!

ماهو الكون وأصل الكوسموس؟!!

ما الحقيقة، ما الوهم؟!!

تساؤلات تبني لنفسها صرح

الوجود وكينونة شموخ الجبال

لا تنتهي ولا تنتهي

في سرمديّتها وفي سيرورتها

تساؤلات تقيم أركولوجيا الحفريات

في الرمز والدلالة

وفي الترميز والمعنى

في الجوهر والوجود

تزيل ضباب العين المجرود

واستحلام الفكر المبتور

وتزيل قذارة العفن المنقول

وتحطّم بداهة الموروث

في أيّ تفكير غير أصيل

تخطو الخطى نحو الحقيقة

في شموخ أزلي...

سؤال وسؤال

لا يعرف الإحباط والتراجع

لا يعرف الممكن أو اللا ممكن

سؤال يخترق في سرعة البرق

كل مقدس، كل بديهي

يرمي بعرض البحار كل ما هو بذاته

يزيل قدسيّة الأشياء والموجودات

يخترقه جواب، أجوبة

لكنه سؤال يقاوم كل جواب

عنيد مع كل نهاية

سيرورة التساؤل تدخل الكل

في احتمال، في كل افتراض

في الممكن واللا ممكن...

من أنا؟!!

أنا سمفونيّة كينونتي

أعزف لحني في فكري

أغنّي حكاية الحقيقة

وقصة الوهم وميتافيزيقا الوجود

في أسطورة تحكي خيوطها

وهي تنسج اللامتناهي منذ الأزل

في إيقاع سوريالي

بنغم سمفوني

يهتزّ، يرتجّ

أمام، وراء

يسار، شمال

أعلى، أسفل

تركض، تتسابق مع الريح

سمفونية، كينونة تمدّ عنقها

من أعلى النورانية إلى نهاية التاريخ...

كينونة هي أنا!!!

أنا أسكن في وجود فكري

يعزف نوتات أفكاره

يضبط إيقاع سمفونيته

في لحن يتقهقر إلى ماضٍ سحيق

يمنّي النفس باكتشاف المأمول

ثم يُحبط، فينفض عنه غبار الماضي

وحُثالة الحضارة...

كينونة أنا!!!

تتطلع إلى فُرشاة رسم

في تناسق الألوان

ترسم بها لوحات فكريّة

تنبع من ظلال كلمات

تسير في خطى واثقة

لترسم معرفة الكون

لتبني جوهر الأنا في كينونته

وتقلع ضرس الغير في نفاقه

وتلونه بلون حرباء في وجده

وفي مكوثه وترحاله...

أنا سمفونية الفكر

أعزف ألحاني

في استنطاق أسرار وألغاز الوجود

لكنني غجريّة أنا

في متاهات الوجود

أعانق تضاريس الجسد

جسد الوجود

بطرق السير نحو الكشف والاستبصار

بخطى التأمل والانصهار

في خرائط الوجود...

سمفونية أنا

أفجّر المعنى في الإدراك

وأوزّع الدهشة في الانبهار

لا أخاف المقدس والممنوع

أخترق أوصال الوجود

أعزف المعقول في اللامعقول

وأغرز الحقيقة في الوهم

أناطح العناد ولغو السوفسطائيّة

إلى أن أغنّي لحن الوجود

في سمفونية الفكر والوجود...

تم عمل هذا الموقع بواسطة