أنا سمفونية الحياة
أعزف ألحاني
في كلّ جزئيات الوجود
وأركبها في كلّ كائن موجود
ينطق، يهمس، يرى، يسمع
في سيرورة الحياة
تنبع جبال الأماني
وتنبت أشجار الروح
تستنشق هواء المجد في الأعالي
تتنهّد، تزفر لحن السعادة
تتمرّغ في عطر الورود والياسمين
ترخي أُذنيها
لتدرك ألحان العصافير
نوتات الأنهار، صفير الرياح
وأمواج حفيف الأشجار
هي الحياة وذيولها
تتدرّج في أحلام استيهامات
وتبني قصوراً من الأمل
من السعادة
ترسم ألواناً من زخرف الحياة...
تلك هي أنا
سمفونيّة الحياة
هههه أنا الموت المدمّر، أقول لك:
أنسيتِ أيّتها السمفونية؟!!
سمفونية الحياة
أنسيتِ لحن الموت المدوّي
في كلّ مكان وفي كلّ زمان
يعزف ألحانه داخل كينونتك
وسيرورتك وجزئياتك
يخلط أوراق نوتاتك
ويهدم لذّاتك ومتمنياتك...
أنا سمفونية الحياة، أقول لك:
يا لحن الموت
تحضر أمامي مهدداً
أتجاهلك فتغتاظ
فتقرع طبول الحرب
بمصير مجهول آت
ولكن قوّتي في كينونتي
ولذّتي في سيرورتي
وتجاهلي لك في تماهيّ وتوحّدي
مع سيرورة الوجود
أستنشق الحريّة
ونبضات قلب كل موجود
هههه أتناسى عربدتك
وعبثيّتك في المصير والأقدار
لا تقتل ولا تحبط الأمل
في كينونتي وعشقي...
أنا الموت أقول لكِ:
آآآه كم أنت خادعة
لنفسك أيّتها السمفونية!!
سمفونية الحياة
لحني أقوى من لحنك
يعيش في مرارة الذكريات
وفي ألم الشوق وعذاب الوصال...
أقول لك أيّتها الحياة
أوتاري في ألحاني
أقوى من أوتارك في ألحانك
تسترخي وتتلاشى
أمام سرمدية ألحاني
أجدك في لحظة الانهيار
تعزفين آهات اليأس
بأوتار ألم الخوف تعاندين
بكبريائك الذي لا ينتهي
في سرمدية وهم
يستدعي وجودك المتلاشي
ألا تخجلي من نفسك أيّتها الحياة!!!
ألا تخجلي من تعنّتك وعنادك
وكبريائك الورقي
أمام لحظات إعدامك...
أيّتها الحياة
كم أنت شقيّة، متكبّرة، عنيدة
ناكرة للجميل في تحركاتك
آآآه وآآآه أنسيت؟!!
أنا الموت
أُسكتُ آلامك وأخنق أنّاتك
وأطمس أحزانك
تعشقينني إلى حدّ النخاع
في لحظة اختناقك ويأسك
تناديني وتترجاني
لمسات أناملي على جسدك
لأخفّف من معاناتك
تتوسّلين إليَّ
عندما تنهار الأبواب أمامك
وتختنق أنفاسك في كلّ المجاري
آنذاك تجدينني حنوناً
عطوفاً عليك
أعزف لك ألحان الهدوء
والسكون
أُطربك بلحن الصمت الأبدي...
كم أنت ناكرة للجميل
أيّتها الحياة الشقيّة!!
هههه أنا سمفونية الحياة أقول لك:
أيّها الموت المتعجرف، المغرور
أنت بلحنك لست إلا نوتة يتيمة
في بحر الوجود
لجوئي إليك، توسّلي ليس إلاّ
مراوغة لك، خداعاً لك
أوهمك بسلطتك، بجبروتك
الكلّ يكرهك وينفر منك
لأنك هازم اللذات
محزن اليتامى، قاهر الثكالى
تخجل من أن تظهر للعيان
تستتر خلف الأمراض
خلف الآفات والحوادث
عليها تعلّق أفعالك
أمّا أنا سمفونية الحياة
أعلن لك:
أنّي النبض
الكلّ يستمتع بألحاني
الإنسان والحيوان، والأشجار
الجبال والسماء والبحار
الكلّ يقلّد ألحاني
زغاريد العصافير
والطيور في أجنحتها
كل يقلّد ألحاني
خرير المياه
وإيقاعات الأمواج
وصفير الرياح وحتّى الأمطار
والبرق والرعد
يدقّ على طبول ألحاني...
أيّها الموت اللّئيم
نوتـتك فراغ في فراغ دائم
أمام حاجات الأطفال
والشيوخ والنساء
أتنفّس الصعداء
عند صحة المرضى
وأتنفّس راحة الاطمئنان
عند مساعدة الفقراء
والمساكين والمحتاجين
أزرع في تربتهم بذور الأمل
ولذّات الكينونة ...
أيّها الموت
في كلّ هذا أهزم جبروتك
وأدفن هرقليتك وقيصريتك
ونمرودك
على أنغام السعادة والأمل
والحبّ والسلم ...
أنا الحياة أيّها الموت
أهزمك بكفاحي ونضالي
وإصراري
أكافح وأناضل وأحارب
تهاجمني في لحظات ضعفي
ولكن نشوة مجد التاريخ
ترنّ في أذني وأنت تعزف
لحن الإعدام فوق رأسي
أنغلق على ذاتي
في سكون أبديّ
ولكن أستنشق حركيّة الوجود
من ورائي
وبراكين التاريخ التي تهزمك
توقظني من سباتي وسكوني
تعزف ألحاني
على مرِّ العصور
ألحان المجد والانتصار
ألحان السلم والحبّ والسلام...
لحنك اليتيم أيّها الموت
لن يقلع جذوري من الوجود
إلى يوم يبعثون...
أيّها الموت تفتخر بالإعدام
فأنت معدم في ذاتك
من طرف خالق الكون
وجلال الكون يستخدمك
لهدف أسمى
نسيته لحظة وجودك ...
أنا الحياة الآن أو بعد
في سيرورة الوجود الأبدي
أعزف ألحاني الوجودية
في كلّ إنسان، في كلّ شعب
وأحصد لذّة الكبرياء
والكرامة والمجد التليد ...
أنا الحياة بسمفونيتي وألحاني
أقتلع الظلم والذلّ والهوان
وأدمّر العبوديّة والاستعباد
أقهر الطغاة والاستبداد
أزرع بذرة البناء والعمل
وأسقي الوجود بألحان الأمل...
تبّا لك أيها الموت!!
لن تهزمني الآن
أو بعد في سرمدية الوجود
اللا لاهي
خالقي وخالقك...