أكتشف الغير موجود
حاضر في كينونتي وفي فضائي
أكتشف الغير موجود
في عشق وجوديّ إنسانيّ
فيه...!!!
أكتشف أني أتأمل صورة لذاتي
وأتأملها في توازٍ لذاتي
صورة للآخر
في حركيّة الوجود نحن موجودان
أنا والغير...!!!
إلى جانب بعضنا البعض
في تجاور أنطلوجيّ، سرمدي
في عشق إنساني
متراكم عبر التاريخ
متعثّر أحياناً ومدمر أحياناً أخرى
بإقصائه الدموي...
أكتشف الغير موجود
قائم في مرآة وجهي
في شكلين من الوجود
الوجود في ذاته
جسد حسيّ، خليّة حيوانيّة
تتعارك مع المكان والزمن
في حركيّة سرمديّة
هادئة أحياناً وعنيفة أحياناً أخرى
وجود آخر قائم في الغير
وجود من أجل ذاته
وجود مفكّر ووعي مفكّر
اكتشفت وجودك أيتها الغيريّة
في سلبياتك وفي إيجابياتك
في كل ذلك أدرك بها أناي
أحياناً أجد نفسي
في عمق كينونتك أتوحّد معك
كوجود ذاتي وكوعي مفكّر
ولكن آآه، آآه، أيتها الغيريّة
المتمردة في التصور والعلاقات
تنفصلين عن كياني
وتحملين في وعيك
وجوداً موضوعيّاً لتضاريس الكون
وتضاريس المكان والزمان
والعالم الخارجي
قائم باستمرار في وعيك
تُرشف منه تجاربك أيتها الغيريّة
تجاربك الفاشلة والناجحة
تقودك إلى المنتهى المرغوب
أكتشفك أنت أيها الغير
كوجود معرفي
أسعى بلهفة في خطى هجوميّة
استكشاف حقيقتك الضبابيّة
أعرفك وأكتشف هويتك
أنت في ذاتك أنا آخر
تسكن كينونتي
وتتحرك في فضائي
تتحدث، تتواصل، تضحك
تنفجر وتغضب
في أفق الوجود السرمدي
لا يثنيك أيّ عائق
داخلي وخارجي!!!
لكن تتراجع القهقرى
في شرارة الحياة
وتموّجات الروح
في حركيتها وسكونها
في سعادتها وتعاستها
تتوقف لحظة تأمّل
منزعج ومتشكك...
أتعرّف عليك أيها الغير
في معرفة ذاتيّة لكنها مخذولة
تتصاعد إلى الأعلى
في نورانيّة كونيّة
تتصاعد إلى غنوصيّة الحقيقة...
ولكنك أيها الغير المتمرّد
أعجز عن الإحاطة بك معرفة
إلا إذا حولتك إلى شيء
في أشياء الوجود والموجودات...
ومع ذلك أيها الغير الشيء
تنكشف لي في استبصار كليّ
تعلن عن ذاتيتك الإنسانية
وإنسانيتك المتأصّلة
في لحظة الخلق
في إعلانك عن وضعيّة إنسانيّة
تعانق النفس والروح
تلبس وتتزين بمواضعيّة متبادلة
عن وضعيّة مشتركة بيني وبينك
أنت تعيشها بحلوها ومرّها
وأنا أشاركك فيها
مشاركة وجدانيّة إنسانيّة...
أكتشفك أيها الغير
في اصطدامي بك
اصطدامي بغرابتك
اصطدامي بغرابتك في ذاتك
غرابة في لغتك، في دينك
غرابة في ثقافتك ومعتقداتك
أصطدم بك في عِرْقك وإثنيتك ...
أكتشفك أيها الغير
أنك غريب عنّي
غريب عني في لغتي
غريب عني في ديني
غريب عني في إثنيتي
إلى حدّ الغرابة في وجودك
ومعرفتك وعلاقتك
لكن غرابتك حاضرة
في قلب مواطَنة صادقة
وإنسانيّة رحيمة
تنسج خيوط التعاون بيني وبينك
في كل أشكال الوجود
نفسيّ واجتماعي
يجمعنا صرح وطن واحد
وصرح إنسانيّة واحدة...
تُنسيني أيها الغير
أنك غريب عني
أنسى غرابتك وغيريتك الشاذة
أنا وأنت
ننسج معاً خلايا الإنسانية
في ثوب أبيض
على جناحي حمامة بيضاء
وإشارة غصن زيتون
ينير لنا الطريق، يوجهنا
نحو السكون والتعايش والسلم
ويبعدنا عن ميتافيزيقا المنازعات
والاصطدامات والقتالات
في عمق إنسانيتنا لا وجود لغرابة
هناك فقط وهم الغرابة
هناك فقط شبح الغرابة
غرابة تشعل نيرانها
أنانية مطلقة وحاجات التاريخ اللئيم
في الاستحواذ والإقصاء...
في عشق وجوديّ إنسانيّ
أتأمل علاقتي بك أيها الغير!!
في كينونتي وكياني
أتجاور معك في أنطولوجيات كونيّة
سرمدية الوجود
في عوالم مختلفة في جوهرها
مختلفة في مظهرها
نستمد منها أنا وأنت
تجاربنا الوجودية
في تواصلنا نتبادل تجاربنا
وفي تواصلنا نؤكد إنسانيتنا
نكشف عن هويتنا في جوهرنا الإنساني
التي لا تعرف تمظهرات الألوان
ولا صيغ الوجود ولا حدود مصطنعة
ولا انغلاقات أبواب الأيديولوجيات
إنسانية ننصهر فيها أنا وأنت
لحظة اختناق ولحظة انهيار ويأس
أكتشف ما يضرّك ويضرّني
وما ينفعك وينفعني...
تبّاً للألفاظ والتلفّظات
هههه الغيرية، الغرابة؟؟!!!
أين أنت أيتها الغيريّة، أيتها الغرابة؟!!
أقول لك أيتها الغيريّة
في أصل وجودك الإنساني
غيريّة مفتعلة
بطقوس السياسة والمصالح
غيريّة وهميّة، شبحيّة
بطقوس نرجسيّة معاندة
لا تكلّ، ولا تعيى...!!!
تنهار الإثنيّة والعرق
وتنهار الأيديولوجيات والمعتقدات
أمام جبروت الهويّة الإنسانيّة
التي تكشف لؤم السياسات...
أيتها السياسة الديماغوجيّة
لا وجود لغيريّة هنا وهناك
هناك وهناك أقول!!!
هويّة إنسانية، كليّة، شموليّة
متجذّرة في الأصل والأصول
لا تقبل التجزيء وترفض الانغلاق
حتى في قلب الصراع
غيريّة وغرابة تنهار
وتنهار أمام اسمها الأزليّ: "الإنسانية"